الثلاثاء، 19 أبريل 2016

عرس مدينتي 2

خرجت من باب المنزل لأرى اشخاص يجاورونا في بناء آخر قد دخلوا بناءنا ليحموا انفسهم من شظايا القذائف التي قد ترتد اليهم لعدم قدرتهم الإكمال لأبنيتهم وبيوتهم
وقعت قذيفة اخرى وقال من دخل مجدداً الينا انها اصابت المسجد الذي في حارتنا، ثم سقطت الثالثة ولم اعرف بوقتها اين وقعت إلا انها كانت الأبعد، كل ماكنا نخشاه ان يكون أحد قد اصيب بأذى... رأيت بعض الأطفال يبكون ويملؤون البناء بأصوات بكائهم، عدت للمنزل ونظرت لأخوتي وهم يقاربونهم بالعمر لكني لم أرهم يبكون او يعبرون عن شيئ سوى الصمت... صمتهم الذي قد يختصر الكثير من الحقيقة
اخرجت هاتفي المحمول وشغلت درساً صوتياً دينياً مليئاً بالعبر والحكم الالهية علني ادخل الطمأنينة لقلوبهم، اطمئن قلبي لحديث الشيخ الذي كان يحكي واقع المسلمين وهو واقع يحاكي واقعنا في هذا البلد الطيب، رغم انه لم يمر اكثر من ساعتين من حضوري لخطبة الجمعة لكنها لم تكن بالمستوى الذي ننشده من علمائنا وخطباء مساجدنا
بعدها بقليل تفاجئت بأصوات زغاريد النساء، تساءلت في نفسي لما يزغردن تلكم النسوة، إلا ان امي وأحد اخوتي ردوا على تساءلي بأنه عرس فلان على فلانة فتبسمت... بعد مضي النصف ساعة واكثر بقليل قررنا النهوض من مكاننا هذا والعودة لغرفة الجلوس التي تعد الأخطر عند سقوط القذائف، نظرت من الشرفة ورأيت الشوارع تغص بالمارة وكأن شيئاً لم يحدث، رأيت كذلك اشخاصاً ينظفون مخلفات ماتخرب ويصلحون ما يمكن إصلاحه، سمعت بعدها منادياً ينادي بالناس رجالاً ونساءً لتنظيف المسجد مما لحق به نتيجة القذائف.
يحكي احد الأخوة الكرام "تضرب منطقتنا كثيراً بقذائف عشوائية إلا ان مسجدنا أصيب مرات عدة وكأن الله يفتدي ببيته عن بيوت عباده والتي تلاصق المسجد " والله أشعر بدني لقوله هذا وفعلاً يحدث ذلك...
لم يترك الناس بيت الله "المسجد" بما حل به فاجتمعوا رجالاً ونساءً واطفالاً ينظفون ها هنا ويصلحون هناك بجوٍ من التعاون والفرح، فرحة تملئ قلوبهم عند إتمامهم لجزء من المهمة.
اخذت شهيقاً عميقاً مستنشقاً هواءً رطباً وامتلئ قلبي إيماناً ويقيناً مما شاهدته، إيماناً بأن الله ابتلانا ليطهرنا ويعيد ربط نفوسنا به وليصحح مسار اعمالنا ويذكرنا بحكمة وجودنا وغايتها، ويقيناً بحكمة الله التي لا تجاريها حكمة ولاتعلو عليها إرادة انه عزو جل سيعوضنا عن صبرنا (( ﻭَﻟَﻨَﺠْﺰِﻳَﻦَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺻَﺒَﺮُﻭﺍ ﺃَﺟْﺮَﻫُﻢْ ﺑِﺄَﺣْﺴَﻦِ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥ َ))  وخوفنا وعملنا فرجاً وجزاءً ((ﻭَﻟَﻨَﺒْﻠُﻮَﻧَّﻜُﻢْ ﺑِﺸَﻲْﺀٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺨَﻮْﻑِ ﻭَﺍﻟْﺠُﻮﻉِ ﻭَﻧَﻘْﺺٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺄَﻣْﻮَﺍﻝِ ﻭَﺍﻟْﺄَﻧْﻔُﺲِ ﻭَﺍﻟﺜَّﻤَﺮَﺍﺕِ ﻭَﺑَﺸِّﺮِ ﺍﻟﺼَّﺎﺑِﺮِﻳﻦَ 💠 ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺇِﺫَﺍ ﺃَﺻَﺎﺑَﺘْﻬُﻢْ ﻣُﺼِﻴﺒَﺔٌ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺇِﻧَّﺎ ﻟِﻠَّﻪِ ﻭَﺇِﻧَّﺎ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺭَﺍﺟِﻌُﻮﻥَ 💠 ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﺻَﻠَﻮَﺍﺕٌ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﻭَﺭَﺣْﻤَﺔٌ ﻭَﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻤُﻬْﺘَﺪُﻭﻥَ))

عرس مدينتي 1

لم اعرف ان ثمة عرسٌ سيقام بعد لحظات... إلا انني واثناء جلوسي في غرفة الجلوس اتناول مع والدتي واخوتي بعض الأحاديث نتناقش وتخبرني بالاحداث التي جرت بغيابي، اسألها وتسألني وإذ بصوت قوي وضغط انفجار وقع بالقرب من منزلنا الطابقي هز ارجاء المعمورة،كان اول ما جريت نحوه بعد استيعابي لما حدث هي اختي الصغيرة"بشرى" 'التي لم تتجاوز الربيع الثالث من عمرها والتي فتحت عيناها على حرب تقع في بلادها' إلا ان امي كانت السباقة في حملها والنهوض بها رغم الصعوبة التي لاحظتها عليها خلال ثوان معدودة جراء الخوف الذي تمكن منها وخدر اطرافها
جمعنا بعضنا خلال ثوانٍ لمكان قد يكون الأأمن في المنزل كله... كانت تتمتم امي لي: لا تقلق لقد اعتدنا على ذلك
بدأت دعواتها لله على من يحولون حياتنا لجحيم وأرد عليها قائلاً :توكلي على الله، ولا تخشي شيئ(( ﻗُﻞ ﻟَّﻦ ﻳُﺼِﻴﺒَﻨَﺎ ﺇِﻻَّ ﻣَﺎ ﻛَﺘَﺐَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟَﻨَﺎ ﻫُﻮَ ﻣَﻮْﻻﻧَﺎ ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻓَﻠْﻴَﺘَﻮَﻛَّﻞِ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥ)) 
حسبي الله ونعم الوكيل 💠فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء💠