الخميس، 21 يناير 2016

في الحافلة إلى حلب 2

كنت ارتدي بزتي العسكرية واحمل كيساً وضعت فيه أغراضي الشخصية من فرشاة أسنان وعطر ومعجون وشامبو وصابون وليف، وفي جيب سترتي وضعت جزداني ذو اللون الأحمر وبداخله بعض من الوريقات التي لا تفيدني كثيراً وبعض مابقي من راتبي لهذا الشهر، وفي جيب البنطال وضعت هاتفي المحمول من نوع Sony والذي يحوي صور عائلتي ومحادثاتي معهم طوال غيابي عنهم وعن مدينتي والتي اكتشفت مؤخراً عشقي الدفين لها بعيد الأزمة والحرب وغيابي الطويل عنها.
مع طول الطريق وصعوبته لم أشعر قط به، فذهني مشغول لما ستكون به حالتي عندما أدخل ولأول مرة إلى مدينتي في ظل ما حصل بها من دمار ويحصل كل يوم نتيجة المعارك التي تنشب كل فترة بين طرفي النزاع
اذكر من سنوات عندما كنت اذهب لصلاة الجمعة في مسجد حينا كان إمام وخطيب المسجد في احد الخطب يتحدث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو يودع مكة وتعلق قلبه صلوات الله عليه بمدينته
بكى محمد وهو يودع مكة، بكى وهو يشيع أيام طفولته وذكريات شبابه وأهله وعشيرته بكى وهو يشعر بمرارة وغصة كان عليه وحده تحملها ليجنب اتباعه من المؤمنين برسالته القسوة التي يلاقونها من كفار مكة، كان يتمنى البقاء مثلما تمنى لعشيرته الإيمان بالله وتصديق رسالته، بكى وهو يلقي نظرة أخيرة على كل بقعة عاش فيها لحظات طفولته وصباه (والله لولا أهلك اخرجوني ماخرجت منك أبداً).... يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق